المحتويات :
1: التعريف.
2: التأسيس وابرز شخصياتها.
3: أفكار ومعتقدات الماتريدية.
التعريف:
هي فرقة إسلامية كلامية وتنسب لابي منصور الماتريدي وقد قامت هذه الفرقة على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية كي يحاججوا خصومهم من المعتزلة والجهمية وغيرهم وذلك لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية.
التأسيس وابرز شخصياتها:
الماتريدية كفرقة كلامية مرت بمراحل عديدة ولم تعرف بالماتريدية الا بعد أن توفي مؤسس الفرقة ويمكن لجمال مراحلها بأربع :
1: مرحلة التأسيس: اتسمت هذه المرحلة بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة هو:
ابو منصور الماتريدي: هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي نسبة إلى ( ماتريد) وهي محلة قرب ( سمرقند) في بلاد ما وراء النهر وقد ولد بها ولا يعرف تاريخ مولده ومن ترجم له لم يذكر كثيرا عن حياته وكيف نشأ وتعلم ولم يذكر من شيوخه الا القليل مثل ( نصير بن يحيى البلخي) وقد تلقى عنه علوم الفقه الحنفي وعلوم الكلام وقال عنه ( عبد الله المرائي) في كتابه ( الفتح المبين في طبقات الاصوليين) : " كان ابو منصور قوي الحجة فحما في الخصومة دافع عن عقائد المسلمين ورد شبهات الملحدين " ، وقال عنه الشيخ ( ابو الحسن الندوي) في كتابه ( رجال الفكر والدعوة) : " جهبذ من جهابذة الفكر الانساني امتاز بالذكاء والنبوغ وحذق الفنون العلمية المختلفة وقد عاصر ( ابو الحسن الاشعري) وعاش معه الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم وكانت له جولاته ضد المعتزلة ولكن بغير منهاج الاشعري وقد توفي رحمة الله عام ٣٣٣ هجري وقد دفن بسمرقند.
2: مرحلة التكوين : هذه المرحلة مرحلة تلاميذ أبي المنصور الماتريدي ومن تأثر به من بعده وفي هذه المرحلة أصبحت الماتريدية فرقة كلامية ظهرت أولا في سمرقند وعمل التلاميذ على أن ينشروا أفكار شيخهم وأمامهم وقد صنفوا كتبهم وقد اتبعوا مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع اي الأحكام وقد راجت العقيدة الماتريدية في بلاد سمرقند اكثر من غيرها ومن أشهر اصحاب المرحلة : ابو القاسم اسحاق بن محمد السمرقندي وقد عرف بأبي القاسم الحكيم وذلك لكثرة حكمه ومواعظه.
وقد تلا مرحلة التكوين مرحلة أخرى امتدت لهذه المرحلة ومن ابز شخصياتها: ابو اليسر البزدوي وهو محمد بن محمد بن عبد الكريم والبزدوي نسبة إلى ( بزدوة) وقد لقب بالقاضي الصدر وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير (علي البزدودي) وقد تلقى العلم على يد ابيه الذي اخذه عن جده عبد الكريم الذي هو تلميذ الماتريدي وقد قرأ كتب الفلاسفة من أمثال الكندي وكذلك قرأ كتب المعتزلة مثل الجبائي والكعبي والنظام وايضا اطلع على كتب الاشعري وتعمق فيها وقال بجواز النظر فيها بعد معرفة اوجه الخطأ فيها وقد توفي في ( بخارى) في التاسع من رجب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.
3: مرحلة التأليف والتأصيل: وامتازت هذه المرحلة لكثرة التأليف وايضا كثر فيها جمع الأدلة للعقيدة الماتريدية وتعتبر أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة الماتريدية ومن أهم رجال هذه المرحلة:
ابو المعين النسفي: هو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي والنسفي نسبة إلى ( نسف) وهي مدينة كبيرة بين ( جيحون وسمرقند) والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر وله القاب منها: سيف الحق والدين ، ويعد من أشهر علماء الماتريدية ومن ترجم له لم يذكر اي احد من شيوخه أو كيفية تلقيه للعلم وقال الدكتور ( فتح الله خليف) : " يعتبر الامام النسفي من أكبر من قام بنصرة المذهب الماتريدي وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الاشاعرة ومن أهم كتبه ( تبصرة الادلة) ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب (التوحيد) للماتريدي ويعتبر اوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق وقد توفي النسفي في 25 من ذي الحجة سنة ثمان وخمسمائة.
4: مرحلة التوسع والانتشار: وتعد من أهم مراحل الماتريدية وقد بلغت الماتريدية اوج توسعها وانتشارها في هذه المرحلة وقد انتشرت الماتريدية في (شرق الأرض وغربها وبلاد العرب والعجم والهند والترك وبلاد فارس والروم) وبرز في هذه المرحلة : الكمال بن همام صاحب كتاب ( المسايرة في العقائد المنجية في الاخرة) وفي هذه المرحلة كثر تأليف الكتب الكلامية من المتون والشروح والشروح على الشروح والحواشي على الشروح .
أفكاره ومعتقدات الماتريدية:
1: مصدر التلقي : قسم الماتريدية أصول الدين حسب مصدر التلقي إلى قسمين هما :
1: الإلهيات ( العقليات) : وهي ما يستقل العقل بأثباتها والنقل يمون تابع له وتشمل أبواب التوحيد والصفات.
2: الشرعيات ( السمعيات) : هي الامور التي يجزم العقل بأمكانها ثبوتا ونفيا ولا طريق للعقل إليها مثل : النبوات وعذاب القبر وأمور الاخرة ، علما ان بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات ولا يخفى أن في هذا مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة إذ أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هي مصادر التلقي عندهم فضلا عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى: عقليات وسمعيات والتي قامت على فكرة باطلة أصلها الفلاسفة من ان نصوص الدين متعارضة مع العقل فعملوا على التوسط بين العقل والنقل مما اضطرهم إلى اقحام العقل في غير مجالات بحثه وقد خرج الماتريدية باحكام باطلة تصطدم مع الشرع مما الجأهم إلى التأويل والتفويض.
2: موقفهم من الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات : قالوا ان كان من نصوص القران الكريم والسنة النبوية مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة عندهم اي مقبولا عقلا خاليا من التعارض مع عقولهم فأنهم يحتجون به في تقرير العقيدة ، وأما إذا كان قطعي الثبوت ظني الدلالة اي مخالفا لعقولهم فأنه لا يفيد اليقين ولذلك تؤول الادلة النقلية بما يتوافق مع الأدلة العقلية أو تفوض معانيها إلى الله عزوجل وهم في ذلك مضطربون وليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل والتفويض ومنهم من رجح التأويل على التفويض ومنهم من رجح التفويض ومنهم من اجاز الأمرين.
3: التحسين والتقبيح : قالوا بالتحسين والتقبيح وقالوا ان العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها الا انهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد أدرك العقل للحسن والقبح ومنهم من قال : إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول .
4: المجاز: كغيرها من الفرق الكلامية ذهبت الماتريدية إلى القول بأن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ويقصدون بالمجاز انه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له وهو قسيم الحقيقة عندهم وقد اعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعا في ظنهم لشبه التجسيم والتشبيه وهو بهذا المعنى يكون قول مبتدع محدث لا أصل له في اللغة ولا في الشرع ولم يتكلم فيه أئمة اللغة مثل ( الخليل بن أحمد وسيبويه) .
5: التوحيد : التوحيد عندهم إثبات أن الله واحد في ذاته لا قسيم له ، ولا جزء له ، واحد في صفاته لا شبيه له ، واحد في افعاله لا يشاركه احد في إيجاد المنوعات ، وقد بلغوا غاية جهدهم في ان يثبتوا هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الاله عندهم هو القادر على الاختراع مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية مثل دليل حدوث الجواهر والاعراض وهذه الأدلة طعن فيها السلف والأئمة واتباعهم واساطين الكلام والفلسفة وبينوا ان الطرق التي دل عليها القرآن أصح وقد خالفوا اهل السنة والجماعة في تسويتهم بين توحيد الربوبية وبيت توحيد الالوهية فالاله عند أهل السنة والجماعة المألوه المعبود الذي تستحق العبادة وحده لا شريك له.
6: اسماء الله الحسنى:أثبت الماتريدية اسماء الله الحسنى وقالوا: لا يسمى الله تعالى الا بما سمى به نفسه وجاء به الشرع وقد وافقوا في هذا اهل السنة والجماعة في القول بالتوقيف في اسماء الله تعالى الا انهم خالفوهم فيما ادخلوه في اسمائه تعالى مثل: الصانع والقديم والذات ولم يفرقوا بين باب الأخبار عن الله تعالى وبين باب التسمية .
7: صفات الله تعالى : قالوا بأثبات ثمان صفات وهي : الحياة ، السمع ، البصر ، الكلام ، الإرادة، القدرة ، الكلام ، التكوين ، وقالوا ان جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى صفة التكوين أما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها القرآن الكريم والسنة النبوية اي ( الصفات الخبرية) من صفات ذاتية أو صفات فعلية وقالوا انها لا تدخل في نطاق العقل وقالوا بنفيها جميعا، أما اهل السنة والجماعة فيعتقدون في الاسماء ويعتقدون في الصفات وأنها جميعا توقيفية ويؤمنون بها ( بأثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل مع تفويض الكيفية واثبات المعنى اللائق بالله تعالى لقوله تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} .
8: قولهم في القرأن: قالوا ان القرآن ليس بكلام الله تعالى على الحقيقى وإنما هو كلام الله النفسي لا يسمع وانما يسمع ما هو عبارة عنه ولذلك فأن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة ولم يرد عن سلف الأمة واول من ابتدعه هو ابن كلاب ، فالله تعالى يتكلم اذا شاء متى شاء بما شاء ولا يزال يتكلم كما كان موسى ويكلك عباده يوم القيامة ، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة غير مخلوق وكذلك التوراة والإنجيل والزبور وهذا ما دل عليه اهل السنة والجماعة من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان.
بقلم
قدامة صالح حسين
إرسال تعليق